هل الهمزة حرف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الهمزة حرف؟
المقرئ: خالد محمد نور الترك
من المعروف أن أحرف اللغة العربية ثمانية وعشرون حرفاً نقلاً واتفاقاً وإجماعاً.
غير أن هناك من يعدها (خطأً) تسعاً وعشرين حرفاً. مضيفاً الهمزة كحرف من الحروف (وقد عجز أبو العلاء المعري أن يضيف حرفاً للغة).
ومن خلال البحث والتأمل يتبين أن الهمزة حالة من حالات النطق عند العرب عُبِّرَ عنها برموز ، مثل الشدة والغنة و التنوين والمد والإدغام والضمة والفتحة والكسرة والسكون وغير ذلك. وإن كان غلب استعمالها كحرف غير أنها ليست كذلك، وهذه بعض الأدلة:
أولاً: يطرأ على الهمزة حالات مثل التحقيق والتسهيل والإبدال والنقل والحذف، ولاتجد ذلك في أي حروف اللغة، وإن وجدت حالة من هذه التغيرات لا تجد أخرى.. فمثال الإبدال: (يؤمن) :.يقرؤُها ورش والسوسي: (يومن).
ومثال النقل: (الأرض) يقرؤُها ورش (الَرض).
ومثال الحذف: (السماء) يقرؤها حمزة وقفاً (السما) على أحد الأوجه .
والتحقيق: هو نطق الهمزة بشكل صحيح .
والتسهيل: هو نطق الهمزة بين بين وهذا يعرف بالتلقي.
ثانياً: لا يمكن أن ننحت من أي حرف من حروف اللغة فعلاً يدل على ذات الحرف ولابد من إضافة فعل آخر، بخلاف الهمزة فإنها تشبه التنوين. والإدغام فتقول(أدْغِم) طلباً للإدغام، (وَنَوِّنْ) في طلب التنوين، و(مُدّ)في طلب المد، و(سَهِّل) في طلب التسهيل، وتقول في طلب (الهمزة) : اهمز. ولا تقول ذلك في أي حرف آخر بل يستحيل، مما يؤيد أنها كالإدغام والتنوين ونحوهما.
وقد يشكل هنا بعض الأفعال التي تأتي على حرف واحد مثل (قِ) و(عِ) فهي أفعال لها معنى لا يتعلق بذات الحرف, حاول أن تنحت من القاف أو الهمزة فعلاً يدل على أن يقول قافاً أو عيناً فلن تستطيع ذلك فعلاً ، لأن هذه الحروف هي البنية الأساسية للكلمة .
ثالثا : لا يمكن في الكتابة أن تركب حرفاً فوق حرف بخلاف الهمزة ورموز النطق المذكورة أعلاه ، فتأتي الهمزة فوق حروف الألف والواو والياء، كما أنها تأتي مفردة على السطر، وهذا الأمر أحدث إشكالية كونها حرفاً. مثال ذلك: (يؤمن أحمد بالله البارئ) وهذه تقرأ بدون همزة ولا يتغير معناها (يومن احمد بالله الباري).
رابعاً : في الغالب لا يحذف حرف من اسم أو فعل إلا ويتغير معناه فأي حرف تحذفه من كلمات (كتب محمد رسالة) فإنه يغير المعنى بخلاف الهمزة كما مر في الفقرة الأولى: (السماء: السما) ( الأنبياء : الانبيا) (يؤمن : يومن ) (يأكل : ياكل).
خامسا : يطرأ على الهمزة أحوال القطع والوصل بخلاف حروف العربية ، فتلفظ مبتدئا بها (ألله) ولا تلفظها وصلاً (قال الله) ولذلك اصطلحوا على الإشارة إلى همزة الوصل ( بحرف صاد صغيرة ) فوق الألف بخلاف همزة القطع فإنها تلفظ في كل في جميع الأحوال وقفاً ووصلاً.
وربما يقول البعض أن للهمزة مخرجاً كالحروف فلماذا لا تعد حرفاً ؟
سؤال وجيه والجواب :
ليس كل ما يخرج من صوت هو حرف فالغنة مثلاً صوت له مخرج من الخيشوم كما يقول ابن الجزري ولم يعدّها من جملة الحروف , ولكن الحروف ما اتفق وأُجمع على أنها حروف لذلك لكل لغة حروفها الثابتة التي تتألف منها الكلمات . وما يقال في التجويد من أن حروف الإظهار هي الهمزة والهاء و.......) فهو تجاوز في التسمية. فالتسمية أصلاً للألف المهموزة حيث أن عندنا ألف مهموزة وممدودة ومنطوقة بحروفها الثلاث مثل الألف في الحروف المقطعة (الم) .
وإلا لو اعتبرنا الهمزة هي الحرف المقصود بذاتها فأين موقع الألف من حروف التجويد فهي ليست في الإدغام و الإخفاء والإقلاب , إذاً هي المقصودة في حروف الإظهار . أي الألف المهموزة وليست الألف الممدودة وليست الألف بهمزة الوصل.
مما سبق يتبين لنا أن الهمزة ليست حرفاً مثل الحروف لما يطرأ عليها من تغيرات كما سبق في الأدلة, وإن سماها البعض حرفاً.
وربما جاء الإشكال من تسمية بعضهم الهمزة حرفا لأن "الألف المتحركة هي نفسها الهمزة"([1])، فالأصل هو الألف.
والله تعالى أعلم.
([1])[انظر الفوائد التجويدية، عبدالرزاق موسى،ص80].