هل أنت تحب القرآن؟

هل أنت تحب القرآن؟

د/ محمد محمود حوا

سؤال يبدو غريباً، بل ويمثل صدمة لمن يوجه له، لأن ذلك يعني التشكيك في الإيمان

فمن لا يحب القرآن؟ إن كل مسلم موحد يؤمن بالله تعالى وبملائكته وكتبه ورسله يحب القرآن. وحب القرآن أصل من أصول الإيمان.

مهلاً أخي القارئ فليس القصد هو التشكيك في إيمان أحد أو حبه لكتاب ربه، وإنما الهدف هو غرس هذا الحب وسقايته ورعايته وتعاهده حتى ينبت في القلب وينمو ويترعرع ويتأصل فيه ويكون سمة بارزة لصاحبه وعلامة فارقة بين المحبين وأدعياء المحبة.

كل الناس يدعون محبة النبي صلى الله عليه وسلم وهبوا لنصرته وهذا شيء جميل وحسن ومطلوب، ولكن من منهم تحقق بلوازم هذه المحبة؟ إنهم القليل.

وكذلك حب القرآن فكل مسلم يدعيه، لكن البينة على المدعي، والبينة لا بد أن تكون ظاهرة واضحة حتى تعتبر بينة مقبولة.

فمن علامات حب القرآن مثلاً:

الفرح بلقائه: هل نفرح عندما نجلس في حلق القرآن كما نفرح عندما نلتقي بمن نحب أو نحصل على ما نشتهي؟

الملازمة الطويلة: هل صاحبنا القرآن حتى نكون من أصحابه الذين يشفع لهم يوم القيامة، إذ المصاحبة تستدعي طول الملازمة مع انتفاء الملل. فهل هذا حاصل منا مع كتاب الله تعالى؟

الشوق إليه: هل نشتاق للقرآن ونحس بظمأ روحي عندما ننقطع عنه ولو قليلاً من الوقت ليوم أو يومين، كما نحس بالظمأ والرغبة في الماء البارد عندما نكون في الحر الشديد؟

الرجوع إليه: هل نرجع للقرآن نلتمس منه الفرقان بين الحق والباطل وقد جعله الله فرقانا نميز به بين الخير والشر لاسيما الأحوال المشتبهات، هل استشرناه ورجعنا إليه كما يرجع الصاحب لصاحبه، والجاهل لمعلمه، أم أننا يخطر ببالنا كثير من البشر  وكثير من الكتب إلا كتاب الله تعالى فلا يكاد يخطر لنا ببال ولا نلتمس فيه الهدى وهو الهادي للتي هي أقوم؟

طاعة أوامره: هل التزمنا أوامر القرآن وقدمناها على رغباتنا ورغبات من حولنا؟ هل تحقق فينا قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الحجرات: 1 ) ؟

طلب محبته: هل سألنا الله تعالى أن يحبب القرآن إلى قلوبنا وإلى أهلينا وأبنائنا كما نسأله أن يرزقنا الرزق الحلال؟

هل سعينا إلى جلاء أحزاننا به وتغيير أحوالنا لتكون وفق ما جاء فيه؟

كل منا أدرى بنفسه، وليعلم كل منا أن لديه من الحب بقدر ما لديه من العلامات السابقة (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (القيامة:14- 15 )

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ: بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا" [رواه أحمد].